ترامب- صفقات رئاسية أم حرب اقتصادية؟
المؤلف: هاني الظاهري09.27.2025

منذ أن وطأت قدما الرئيس دونالد ترمب أروقة السلطة في الولايات المتحدة، والعالم بأسره يتعامل مع بياناته وكأنها فصل من فصول مسرحية هزلية ممتدة. إنه شخصية فذة لا تمت بصلة لمن سبقه، لا في فصاحة لسانه، ولا في أسلوبه المتميز، ولا حتى في قناعاته السياسية الراسخة. هو أقرب ما يكون إلى بائع بارع، يتقن فن إبرام الصفقات ببراعة، ويعشق المساومات في اللحظات الحرجة، وينظر إلى العالم على أنه سوق رحب الأرجاء، وليس كتحالفات راسخة أو توازنات تقليدية موروثة.
عندما يطلق ترمب وعيداً أو يوقع مرسوماً تنفيذياً بفرض ضرائب باهظة على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، أو عندما يهدد بإلغاء معاهدات تجارية دولية، أو حتى ينتقد حلفاء الولايات المتحدة القدامى، فإن العديد من الخبراء لا ينظرون إلى تصريحاته على أنها إعلان حرب اقتصادية ضروس. بل يعتبرونها ورقة مساومة ماهرة، مُحكمة الحبكة، حتى لو بدت عشوائية للعيان.
إنه رئيس لا يخفي إعجابه برجال الأعمال النافذين، ويعتبر نفسه قائداً لهم. وكل محلل يدرس مسيرته قبل الرئاسة، سيجد أن فلسفته ترتكز على الضغط والمساومة، ثم إبرام الصفقة في اللحظة الأخيرة، بعد أن يشعر الطرف الآخر بالخطر المحدق. وهذا بالضبط ما يفعله في السياسة الدولية ببراعة.
ترمب لا يتعامل مع الدول على أنها شركاء لبلاده، بل يراها كأطراف متنافسة في صفقات ضخمة. إنه يرى الاتحاد الأوروبي، والصين، والمكسيك، وكندا، واليابان، وجميع شركاء أمريكا التجاريين كأرقام في معادلة رياضية معقدة: «ما هي الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد الأمريكي في هذه الاتفاقية؟ وما هي الأرباح التي يمكن أن نجنيها إذا قمنا بتعديل الشروط؟».
لذلك، فإن العديد من تصريحاته النارية تكون مدروسة بعناية فائقة، وإن كانت مغلفة بطابع درامي مثير. قد يلوح بالخطر لا لإشعاله، بل لدفع الآخرين إلى طاولة المفاوضات بشروط أفضل. وغالباً ما ينجح في ذلك، على الأقل في نظر أنصاره المخلصين.
يكمن التناقض في أن خصوم ترمب غالباً ما يعتقدون أنه لا يملك خطة واضحة، بينما هو ينفذ برنامجاً اقتصادياً يعتمد على التخلي عن التزامات أمريكا القديمة، وإعادة تشكيل النظام التجاري العالمي بما يخدم مصالح «أمريكا أولاً». ولا يرى في ذلك انعزالية، بل إعادة توازن من وجهة نظره الثاقبة.
عندما تبدأ الأسواق في التوتر، أو تصدر تحذيرات من منظمات دولية، فإن ترمب يسعى إلى تمرير تصريحات تحمل رسائل مبطنة تقول: «التهديدات الاقتصادية ليست سوى أدوات تفاوض، وليست قرارات نهائية». إنه يريد من العالم أن يتعامل مع تصريحاته على أنها عروض مفتوحة للنقاش الجاد: «هذا هو الحد الأقصى، تفاوضوا معي للوصول إلى حلول مشتركة».
في كثير من الأحيان، تساهم وسائل الإعلام في تضخيم صورة بياناته، لكنها صورة لا تتجاوز ما يريده هو في الأصل. لأنه يدرك تماماً أن الاهتمام الإعلامي هو أحد أهم أركان القوة التفاوضية. فكلما زاد التفاعل الإعلامي، زادت الضغوط، وارتفعت المكاسب المحتملة للصفقة، وذلك لأنه يجيد اللعب في منطقة الغموض، ويستغل حالة القلق لفرض واقع جديد.
ترمب ليس سياسياً تقليدياً، ولا يؤمن بالبروتوكولات الكلاسيكية الراسخة. إنه نتاج عالم الأعمال، حيث لا توجد تحالفات دائمة، بل مصالح متغيرة. وهذا ما يجعل من الصعب التنبؤ بقراراته، لكنه يفضل أن يجعل العديد من خصومه يخشونه، لأنهم لا يعرفون ما إذا كان جاداً أم يمارس التفاوض بمهارة.
إن «الحرب الاقتصادية» التي يتحدث عنها البعض بعد فرض ترمب رسوماً جمركية باهظة على جميع شركاء بلاده، ليست سوى قرع طبول إيذاناً ببدء جولة مفاوضات جديدة، ويجب أن نفهم أنه آخر شخص يمكن أن يشعل فتيل حرب اقتصادية عالمية، فكل ما يريده هو أن يرى العالم في حالة تأهب دائم، ثم يأتيه بالعروض المغرية، كما يفعل الزبائن في صفقات البيع الكبرى، ففي نظر (أبو إيفانكا) العالم عبارة عن سوق ضخم، والسياسة ليست سوى أداة لتحقيق أفضل صفقة ممكنة!
عندما يطلق ترمب وعيداً أو يوقع مرسوماً تنفيذياً بفرض ضرائب باهظة على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، أو عندما يهدد بإلغاء معاهدات تجارية دولية، أو حتى ينتقد حلفاء الولايات المتحدة القدامى، فإن العديد من الخبراء لا ينظرون إلى تصريحاته على أنها إعلان حرب اقتصادية ضروس. بل يعتبرونها ورقة مساومة ماهرة، مُحكمة الحبكة، حتى لو بدت عشوائية للعيان.
إنه رئيس لا يخفي إعجابه برجال الأعمال النافذين، ويعتبر نفسه قائداً لهم. وكل محلل يدرس مسيرته قبل الرئاسة، سيجد أن فلسفته ترتكز على الضغط والمساومة، ثم إبرام الصفقة في اللحظة الأخيرة، بعد أن يشعر الطرف الآخر بالخطر المحدق. وهذا بالضبط ما يفعله في السياسة الدولية ببراعة.
ترمب لا يتعامل مع الدول على أنها شركاء لبلاده، بل يراها كأطراف متنافسة في صفقات ضخمة. إنه يرى الاتحاد الأوروبي، والصين، والمكسيك، وكندا، واليابان، وجميع شركاء أمريكا التجاريين كأرقام في معادلة رياضية معقدة: «ما هي الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد الأمريكي في هذه الاتفاقية؟ وما هي الأرباح التي يمكن أن نجنيها إذا قمنا بتعديل الشروط؟».
لذلك، فإن العديد من تصريحاته النارية تكون مدروسة بعناية فائقة، وإن كانت مغلفة بطابع درامي مثير. قد يلوح بالخطر لا لإشعاله، بل لدفع الآخرين إلى طاولة المفاوضات بشروط أفضل. وغالباً ما ينجح في ذلك، على الأقل في نظر أنصاره المخلصين.
يكمن التناقض في أن خصوم ترمب غالباً ما يعتقدون أنه لا يملك خطة واضحة، بينما هو ينفذ برنامجاً اقتصادياً يعتمد على التخلي عن التزامات أمريكا القديمة، وإعادة تشكيل النظام التجاري العالمي بما يخدم مصالح «أمريكا أولاً». ولا يرى في ذلك انعزالية، بل إعادة توازن من وجهة نظره الثاقبة.
عندما تبدأ الأسواق في التوتر، أو تصدر تحذيرات من منظمات دولية، فإن ترمب يسعى إلى تمرير تصريحات تحمل رسائل مبطنة تقول: «التهديدات الاقتصادية ليست سوى أدوات تفاوض، وليست قرارات نهائية». إنه يريد من العالم أن يتعامل مع تصريحاته على أنها عروض مفتوحة للنقاش الجاد: «هذا هو الحد الأقصى، تفاوضوا معي للوصول إلى حلول مشتركة».
في كثير من الأحيان، تساهم وسائل الإعلام في تضخيم صورة بياناته، لكنها صورة لا تتجاوز ما يريده هو في الأصل. لأنه يدرك تماماً أن الاهتمام الإعلامي هو أحد أهم أركان القوة التفاوضية. فكلما زاد التفاعل الإعلامي، زادت الضغوط، وارتفعت المكاسب المحتملة للصفقة، وذلك لأنه يجيد اللعب في منطقة الغموض، ويستغل حالة القلق لفرض واقع جديد.
ترمب ليس سياسياً تقليدياً، ولا يؤمن بالبروتوكولات الكلاسيكية الراسخة. إنه نتاج عالم الأعمال، حيث لا توجد تحالفات دائمة، بل مصالح متغيرة. وهذا ما يجعل من الصعب التنبؤ بقراراته، لكنه يفضل أن يجعل العديد من خصومه يخشونه، لأنهم لا يعرفون ما إذا كان جاداً أم يمارس التفاوض بمهارة.
إن «الحرب الاقتصادية» التي يتحدث عنها البعض بعد فرض ترمب رسوماً جمركية باهظة على جميع شركاء بلاده، ليست سوى قرع طبول إيذاناً ببدء جولة مفاوضات جديدة، ويجب أن نفهم أنه آخر شخص يمكن أن يشعل فتيل حرب اقتصادية عالمية، فكل ما يريده هو أن يرى العالم في حالة تأهب دائم، ثم يأتيه بالعروض المغرية، كما يفعل الزبائن في صفقات البيع الكبرى، ففي نظر (أبو إيفانكا) العالم عبارة عن سوق ضخم، والسياسة ليست سوى أداة لتحقيق أفضل صفقة ممكنة!